الله (١)(إنه آمن شعره وكفر قلبه)
يريد أن شعره كشعر المؤمنين ، وذلك أنه يوحد الله في شعره ، ويذكر دلائل توحيده).
وقيل : نزلت في أبي عامر الراهب ، الذي سماه النبيّ صلىاللهعليهوسلم (الفاسق) ، كان يترهب في الجاهلية. فلما جاء الإسلام خرج إلى الشام ، وأمر المنافقين باتخاذ مسجد الضرار والشقاق ، وأتى قيصر واستنجده على النبي صلىاللهعليهوسلم ، فمات هناك طريدا وحيدا. وهو قول سعيد بن المسيّب.
وقيل نزلت في منافقي أهل الكتاب. كانوا يعرفون النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فأنكروه. عن الحسن والأصم.
وقيل : إنه فرعون. والآيات آيات موسى ، كأنه لما اقتص أنبياء بني إسرائيل عاد إلى قصة فرعون وضرب له المثل.
ومن الأقوال التي تناقلها المفسرون أنها نزلت في بلعام بن بعور ، ويحكون عنه قصة لم ترو في جوامع الآثار الصحيحة عندنا ، ولا هي مطابقة لما عند أهل الكتاب. فقد ذكر نبؤه في الفصل الثاني والعشرين والثالث والعشرين من سفر العدد ، من تاريخ التوراة ، بغير ما يرويه المفسرون عنه. ثم رأيت الجشميّ لم يصحح ذلك ، فحمدت المولى على الموافقة. وعبارته :
«وعن مجاهد قال : هو نبي يقال له بلعم. رشاه قومه فكفر. وهذا لا يجوز ، لأن الأنبياء لا يجوز عليهم الكفر. لأن ذلك ينفّر الخلق عن الأنبياء ، والقبول منهم ، ويحقرهم في النفوس ، ولأنهم حجج الله على خلقه ، اصطفاهم. فالأقرب أنه لا يصح عن مجاهد» ـ انتهى ـ وهو كذلك لأن من قرأ نبأه السفر المتقدم ، رأى من ثباته ، وعدم موافقته لبالاق ، ملك موأب ، على ما أراد منه ـ ما يبرئه عن ذلك.
تنبيه :
قال الجشمي : إن قيل : كيف تتصل الآية بما قبلها؟ قلنا : على القول بأنه عنى بها فرعون فقد اتصلت قصته بقصة بني إسرائيل. وقيل لما نهى عن تقليد الآباء في الدين ، بيّن في هذه الآية حال علماء السوء ، الذين يختارون الدنيا على الآخرة. نهيا عن تقليدهم واتباعهم ، كما نهى عن تقليد الآباء. وقيل : لما تقدم ذكر أخذ الميثاق ، بين حال من آتاه الله الآيات فانسلخ منها ولم يتبعها.
__________________
(١) أخرجه أبو بكر بن الأنباري في كتاب المصاحف ، والخطيب وابن عساكر عن ابن عباس. قال المناوي : وسند الحديث ضعيف.