الثالث ـ قال بعض مفسري الزيدية في قوله تعالى (فَادْعُوهُ بِها) : المعنى سموه بها ، وفي ذلك أمر بدعائه بالأسماء الحسنى ، وهو أمر ندب إذا حمل على التلاوة بالتسعة والتسعين ، وحث على ذلك في الحديث عنه صلىاللهعليهوسلم. وإن أريد بالتسمية بما فيه مدح ، دون ما فيه إلحاد ، فذلك وجوب.
الرابع ـ قال السيد اليماني في (إيثار الحق) : هل يجوز تسمية محامد الرب تعالى وأسمائه الحسنى صفات له سبحانه وتعالى؟ قال الله تعالى : (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى) [النحل : ٦٠] ، وذكر أهل التفسير واللغة أنه الوصف الأعلى ، وكذلك جاء في كلام علي عليهالسلام أنه قال : فعليك أيها السائل بما دل عليه القرآن من صفته ـ ذكره السيد أبو طالب في (الأمالي) بإسناده ، والسيد الرضي في (النهج) كلاهما في جوابه عليهالسلام ، على الذي قال له : صف لنا نار ربنا ـ وهذا لا يعارض قوله عزوجل (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ) [الأنعام : ١٠٠] ، لأنه لم ينزه ذاته عن الوصف مطلقا ، حتى يعم الوصف الحسن ، وإنما ينزه عن وصفهم له بالباطل القبيح. انتهى.
وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (١٨١)
(وَمِمَّنْ خَلَقْنا) أي للجنة ، لأنه في مقابلة (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ) [الأعراف : ١٧٩] ـ قاله النسفيّ ـ (أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِ) أي يدعون إليه (وَبِهِ يَعْدِلُونَ) أي يعملون ويقضون. وقد جاء في الآثار ، أن المراد بالأمة ، هذه الأمة المحمدية. وقال قتادة : بلغنا أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان إذا قرأ هذه الآية يقول : هذه لكم ، وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها. وعن الربيع بن أنس ـ في هذه الآية ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن من أمتي قوما على الحق ، حتى ينزل عيسى بن مريم متى ما نزل». وفي الصحيحين (١) عن معاوية قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ، لا يضرهم من خذلهم ، ولا من خالفهم ، حتى تقوم الساعة». وفي رواية : حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك.
__________________
(١) أخرجه البخاري في : الاعتصام ، ١٠ ـ باب قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق يقاتلون ، وهم أهل العلم» حديث رقم ٦٢. وأخرجه مسلم في : الإمارة ، حديث ١٧٤ و ١٧٥.