مضاف ، أي مسه جنة أو تخبطها. والتعبير عنه صلىاللهعليهوسلم ب (صاحبهم) للإيذان بأن طول مصاحبتهم له ، مما يطلعهم على نزاهته عما ذكر ، ففيه تأكيد للنكير ، وتشديد له (إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ) أي رسول مخوّف (مُبِينٌ) أي موضح إنذاره ، مبالغة في الإعذار. ولما نعى عليهم تفكرهم في شأنه صلىاللهعليهوسلم ، أنكر إخلالهم في التأمل بالآيات التكوينية المنصوبة في الآفاق والأنفس ، الشاهدة بصحة الآيات المنزلة ، فقال سبحانه :
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) (١٨٥)
(أَوَلَمْ يَنْظُرُوا) أي نظر استدلال (فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ) من الشمس والقمر والنجوم والسحاب. والملكوت : الملك العظيم (وَالْأَرْضِ) أي وفي ملكوت الأرض ، من البحار والجبال والدواب والشجر (وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) أي وفيما خلق الله مما يقع عليه اسم (الشيء) ، من أجناس لا يحصرها العدد ، ولا يحيط بها الوصف (وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ) عطف على (ملكوت). أي في احتمال أن يهلكوا عما قريب ، فيفارقوا الدنيا ، وهم على أتعس الأحوال (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ) أي القرآن (يُؤْمِنُونَ) أي إذا لم يؤمنوا به ، وهو المعجز الجامع لكل ما يفيد الهداية. وفي هذا قطع لاحتمال إيمانهم رأسا ، ونفي له بالكلية.
تنبيه :
قال الجشمي : تدل الآية على وجوب النظر في الأدلة ، وأنها طريق المعرفة. وتدل على أنه لا شيء ينظر فيه ، إلا ويعرف الله تعالى به.
القول في تأويل قوله تعالى :
(مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (١٨٦)
(مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) أي في كفرهم يتحيرون. يعني أن من كتب عليه الضلالة ، فلا يهديه أحد ، ولا يغنيه النظر ، ولا الإنذار. كما قال تعالى : (قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) [يونس : ١٠١] ، (وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً) [المائدة : ٤١].