هذا بهتان عظيم! ولكن هو الرأي (قاتله الله!) ونبذ كتب السنة ، والتقليد البحث ، الذي لا يهتم صاحبه بحقائق الأشياء ، ولا يريد معرفتها ولا فحصها بالعقل يضع قدمه على القدم ، حيث يكون مطواعا لآراء غيره ، منقادا لها مصدقا ما ينطق به فمه ، غثّا كان أو سمينا. اللهم نوّر بصيرتنا بفضلك.
وقوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ) أي في الاختلاف والتخاصم ، وكونوا متحدين متآخين في الله.
وقوله تعالى : (وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) أي أحوال بينكم ، يعني ما بينكم من الأحوال ، حق تكون أحوال ألفة ومحبة واتفاق.
وقوله تعالى : (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) أي في قسمه بينكم ، على ما أراه الله تعالى. وقوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) متعلق بالأوامر الثلاثة.
قال الزمخشري : جعل التقوى ، وإصلاح ذات البين ، وطاعة الله ورسوله ، من لوازم الإيمان وموجباته ، ليعلمهم أن كمال الإيمان موقوف على التوفر عليها : فمعنى قوله : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أي كاملي الإيمان.
ثم بيّن تعالى من أريد بال (مؤمنين) بذكر أوصافهم الجليلة ، المستتبعة لما ذكر من الخصال الثلاث ، ترغيبا لهم في الامتثال بالأوامر المذكورة ، فقال سبحانه.
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (٢)
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) أي الكاملون المخلصون فيه (الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ) أي حقه أو وعيده (وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) أي فزعت لذكره ، واقشعرت إشفاقا ألا تكون قامت بحقه ، وتهيبا من جلاله وعزة سلطانه ، وبطشه بالعصاة وعقابه.
قال الجشمي : ومتى قيل : لم جاز وصفهم هاهنا بالوجل والطمأنينة في قوله (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ) [الرعد : ٢٨] ، فجوابنا فيه وجوه :
منها : أنه تطمئن قلوبهم عند ذكر نعمه ، وتوجل لخوف عقابه بارتكاب معاصيه.
ومنها : أن قلوبهم تطمئن لمعرفة توحيده ، ووعده ، ووعيده ، فعند ذلك توجل