بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ) [آل عمران : ١٢٣ ـ ١٢٦] ، ثم وعدهم أنهم إن صبروا واتقوا أمدهم بخمسة آلاف. فهذا من قول رسوله ، والإمداد الذي ببدر من قوله تعالى ، وهذا بخمسة آلاف ، وإمداد بدر بألف ، وهذا معلق على شرط ، وذلك مطلق. والقصة في سورة آل عمران ، هي قصة (أحد) مستوفاة مطولة ، و (بدر) ذكرت فيها اعتراضا.
والقصة في سورة الأنفال قصة (بدر) مستوفاة مطولة ، فالسياق في آل عمران غير السياق في الأنفال. يوضح هذا أن قوله : (وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا) [آل عمران : ١٢٥] ، قد قال مجاهد : هو يوم (أحد) ، وهذا يستلزم أن يكون الإمداد المذكور فيه ، فلا يصح قوله إن الإمداد بهذا العدد كان يوم بدر وإتيانهم من فورهم هذا يوم أحد ، والله أعلم. انتهى.
وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (١٠)
(وَما جَعَلَهُ اللهُ) أي هذا الإمداد (إِلَّا بُشْرى) أي بشارة لكم بالنصر (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ، وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) أي من غير أن يكون فيه شركة لغيره (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) قال بعض الحكماء : ذكر تعالى في هذه الآية حكمة إخبارهم بالنصر ، وأنه يريد بشراهم وطمأنينتهم وتوكلهم عليه ، وهو أدعى إلى قوة العزيمة. فإن العامل إذا أيقن بأن معه قاهر الكون : رفعته تلك الفكرة ، وجعلته أقوى الناس ، وأقدرهم على صعاب الأمور ، لا كما يظنه المنتكسون الجاهلون الكسالى اليائسون من روح الله ، حيث جعلوا التوكل ذريعة إلى البطالة ، فباءوا بغضب على غضب. انتهى.
ثم ذكّرهم سبحانه بنعم أخرى جعلها سببا لنصرهم ، وللعناية بهم ، فقال :
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ) (١١)
(إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ) أي يلقي عليكم النوم للأمن الكائن منه تعالى ،