قال الجشمي : يحتمل مع الملائكة ، إذ أرسلهم ردءا للمسلمين ، ويحتمل مع المسلمين ، كأنه قيل : أوحي إلى الملائكة أني مع المؤمنين ، فانصروهم وثبتوهم.
وقوله تعالى : (فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا) أي بدفع الوسواس وبالقتال معهم والحضور مددا وعونا (سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) أي الخوف.
ثم علمهم تعالى كيفية الضرب بقوله تعالى : (فَاضْرِبُوا) أمر للمؤمنين أو للملائكة. وعليه ، ففيه دليل على أنهم قاتلوا (فَوْقَ الْأَعْناقِ) أي أعالي الأعناق التي هي المذابح ، تطييرا للرؤوس. أو أراد الرؤوس ، لأنها فوق الأعناق (وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ) أي أصابع. جمع (بنانة) قيل : المراد بالبنان ، مطلق الأطراف مجازا ، تسمية للكل بالجزء ، لوقوعها في مقابلة الأعناق والمقاتل. والمعنى : اضربوهم كيفما اتفق من المقاتل وغيرها.
القول في تأويل قوله تعالى :
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (١٣)
(ذلِكَ) أي الضرب أو الأمر به (بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ) أي خالفوهما فيما شرعا. وقوله تعالى : (وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) تقرير لما قبله ، إن أريد بالعقاب ما وقع لهم في الدنيا ، أو وعيد بما أعدّ لهم في الآخرة ، بعد ما حاق بهم في الدنيا ، وبيان لخسرانهم في الدارين.
القول في تأويل قوله تعالى :
(ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ) (١٤)
(ذلِكُمْ) خطاب للكفرة على طريقة الالتفات (فَذُوقُوهُ) أي ذلك العذاب ، أيها الكفار ، في الدنيا (وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ) في الآخرة.
ثم نهى تعالى عن الفرار من الزحف ، مبينا وعيده بقوله :
القول في تأويل قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ) (١٥)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ) أي الظهور