(بَصِيرٌ) أي فيجازيهم ، وعليه حسابهم ، فكفوا عنهم ، وإن لم تعلموا ببواطنهم. كقوله تعالى (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ..) [التوبة : ٥] الآية ـ وفي الآية الأخرى (فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ) [الأحزاب : ٥] وفي الصحيحين (١) عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عزوجل». وفي الصحيح (٢) أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لأسامة : لما علا ذلك الرجل بالسيف ، فقال : لا إله إلا الله ، فضربه فقتله ، فذكر ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال لأسامة : أقتلته بعد ما قال : لا إله إلا الله ، فكيف تصنع ب (لا إله إلا الله) يوم القيامة؟ فقال : يا رسول الله! إنما قالها تعوّذا ، فقال : هلا شققت عن قلبه؟ وجعل يقول ويكرر عليه : من لك ب (لا إله إلا الله) يوم القيامة؟ قال أسامة : حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (٤٠)
(وَإِنْ تَوَلَّوْا) أي أعرضوا عن الإيمان ولم ينتهوا (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ) أي ناصركم ومعينكم ، فثقوا بولايته ونصرته (نِعْمَ الْمَوْلى) فلا يضيع من تولاه (وَنِعْمَ النَّصِيرُ) فلا يغلب من نصره.
ثم بيّن تعالى مصرف ما أحله لهذه الأمة وخصها به ، وهو الغنائم ، بقوله سبحانه :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٤١)
(وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) أي قلّ أو كثر من الكفار (فَأَنَّ لِلَّهِ) أي الذي
__________________
(١) أخرجه البخاري في : الإيمان ، ١٧ ـ باب (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) ، حديث رقم ٢٤ ، عن ابن عمر.
وأخرجه مسلم في : الإيمان ، حديث رقم ٣٦.
(٢) أخرجه البخاري في : المغازي : ٤٥ ـ باب بعث النبيّ صلىاللهعليهوسلم أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة ، حديث رقم ١٩٢٠.
وأخرجه مسلم في : الإيمان ، حديث رقم ١٥٨.