مردودة على الآية الأولى ، أي كيف يكون لهم عهد ، وحالهم ما ذكر؟ وفيه تحريض للمؤمنين على التبرؤ منهم ، لأن من كان أسير الفرصة ، مترقيا لها ، لا يرجى منه دوام العهد.
قال الناصر : ولما طال الكلام باستثناء الباقين على العهد ، أعيدت (كيف) تطريه للذكر ، وليأخذ بعض الكلام بحجزة بعض. انتهى.
ثم استأنف تعالى بيان حالهم المنافية لثباتهم على العهد بقوله (يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ) أي ما تتفوه به أفواههم (وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ) أي متمردون ، لا عقيدة تزعمهم ، ولا مروءة تردعهم. وتخصيص الأكثر ، لما في بعض الكفرة من التفادي عن العذر ، والتعفف عما يجرّ إلى أحدوثة السوء.
القول في تأويل قوله تعالى :
(اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٩)
(اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ) أي استبدلوا بها (ثَمَناً قَلِيلاً) أي من متاع الدنيا. يعني أهويتهم الفاسدة (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) أي فعدلوا عنه أو صرفوا غيرهم (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
القول في تأويل قوله تعالى :
(لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ) (١٠)
(لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ) أي المجاوزون الغاية في الظلم والمساوئ.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (١١)
(فَإِنْ تابُوا) أي مما هم عليه من الكفر (وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ) أي فهم إخوانكم ، لهم ما لكم ، وعليهم ما عليكم ، فعاملوهم معاملة الإخوان ، وفيه من استمالتهم واستجلاب قلوبهم ما لا مزيد عليه.