به ، وكذا وصفهم بالظلم لأجل تسويتهم المذكورة.
وأقول : لا منافاة. وظاهر النظم الكريم فيما قاله ابن عباس لا يرتاب فيه ، وقول النعمان (فأنزل الله) بمعنى أن مثل هذا التحاور نزل فيه فيصل متقدم ، وهو هذه الآية ، لا بمعنى أنه كان سببا لنزولها كما بيناه غير ما مرة. وهذا الاستعمال شائع بين السلف ، ومن لم يتفطن له تتناقض عنده الروايات ، ويحار في المخرج ، فافهم ذلك وتفطن له.
وتأييد أبي السعود نزولها في المسلمين بما أطال فيه ، ذهول عن سياق الآية وعن سياقها ، فيما صدعت فيه من شديد التهويل ، وعن لاحقها في درجات التفضيل ، وقصر الفوز والرحمة والرضوان على المشبه به.
لطيفة :
لا يخفى أن السقاية والعمارة مصدران لا يتصور تشبيههما بالأعيان ، فلا بد من تقدير مضاف في أحد الجانبين. أي أجعلتم أهلهما كمن آمن بالله ... إلخ ويؤيده قراءة من قرأ (سقاة الحاج وعمرة المسجد الحرام) أو : أجعلتموهما كإيمان من آمن ... إلخ.
قال أبو البقاء : الجمهور على (سقاية) بالياء ، وصحّت الياء لما كانت بعدها تاء التأنيث.
ثم بيّن تعالى مراتب فضل المؤمنين ، إثر بيان عدم الاستواء وضلال المشركين وظلمهم ، بقوله سبحانه :
القول في تأويل قوله تعالى :
(الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ) (٢٠)
(الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ) أي من أهل السقاية والعمارة ، وهم ، وإن لم يكن لهم درجة عند الله ، جاء على زعمهم ومدعاهم. قاله في (العناية). (وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ) أي لا أنتم. أي المختصون بالفوز دونكم.