الخراج. وترجمة علوم اليونان ، وتقريب النابغين منهم في علوم الهندسة والطب ، إليهم. واعتمادهم في شفاء عللهم عليهم. بل بلغ بالمسلمين اعتبارهم لأهل الكتاب عضوا من جسم هيأتهم الاجتماعية ، لا يجوز فصله في حال من الأحوال ـ أن جيوش التتار ، لما اكتسحت بلاد الإسلام من حدود الصين إلى الشام ، ووقع في أسرهم من وقع من المسلمين والنصارى ، ثم خضد المسلمون شوكة التتار في الشام ، ودان ملوكهم بالإسلام ، خاطب شيخ الإسلام ابن تيمية رأس العلماء في عصره أمير التتار (قطلو شاه) بإطلاق الأسرى ، فسمح له بالمسلمين ، وأبى أن يسمح له بأهل الذمة ، فقال له شيخ الإسلام : لا بد من افتكاك جميع من معك من اليهود والنصارى الذين هم أهل ذمتنا ، ولا ندع أسيرا لا من أهل الملة ، ولا من أهل الذمة. فأطلقهم له ـ انتهى ـ.
ومنه يعلم شأن الحكم الإسلاميّ في أهل الذمة ، ومبلغ عناية الخلفاء والعلماء بهم. وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٣٠)
(وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) جملة مبتدأة ، سيقت لتقرير ما مر من عدم إيمان أهل الكتابين بالله سبحانه ، وانتظامهم بذلك في سلك المشركين. وقرئ (عُزَيْرٌ) بالتنوين على الأصل ، وحذفه لالتقاء الساكنين على غير القياس تخفيفا. وهو مبتدأ وما بعده خبره ، ولهم أوجه أخرى في إعرابه ، والوجه ما ذكرناه.
وليعلم أن الذي دعا الفريقين إلى مقاليهما هو الغلوّ في التعظيم. فأما اعتقاد النصارى فهو مشهور معلوم ، تكفل التنزيل الكريم بذكره مرارا ، ودخر شبهه. وأما اليهود في (عزير) فغلاتهم أو جهلتهم يتفوهون بهذه الكلمة الشنعاء ، وأما بقيتهم فيعتبرونه في مقام موسى ، ويحترمون دائما ذكره ، ويعتقدون أن الله تعالى قد أقامه لجمع التوراة المبددة. ولتجديد الملة الموسوية ، وإرجاعها إلى عهدها ، وإصلاح ما