زمنه صلىاللهعليهوسلم منهم ، يضاهئ قولهم قول قدمائهم. والمراد عراقتهم في الكفر ، أي أنه كفر قديم فيهم غير مستحدث.
قال أبو السعود : وفيه أنه لا تعدد في القول ، حتى يتأتى التشبيه ، وجعله بين قولي الفريقين ، مع اتحاد المقول ، ليس فيه مزيد مزيّة. وقيل : الضمير للنصارى ، أي يضاهئ قولهم (الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) قول اليهود (عُزَيْرٌ ...) إلخ لأنهم أقدم منهم ..
قال أبو السعود : وهو أيضا كما ترى ، فإنه يستدعي اختصاص الرد والإبطال بقوله تعالى : (ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ) ، بقول النصارى انتهى.
والمضاهاة المشابهة ، يقال : ضاهيت ، وضاهأت ـ كما قاله الجوهري ـ وقراءة العامة (يضاهون) بهاء مضمومة بعدها واو. وقرأ عاصم بهاء مكسورة بعدها همزة مضمومة ، وهما بمعنى. من المضاهأة ، وهي المشابهة ، وهما لغتان. وقيل : الياء فرع عن الهمزة ، كما قالوا : قريت وتوضيت وأخطيت (قاتَلَهُمُ اللهُ) أي لعنهم أو قتلهم ، أو عاداهم أو تعجب من شناعة قولهم (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) أي كيف يصرفون عن الحق إلى الباطل.
وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٣١)
(اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً ، لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ، سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) زيادة تقرير لما سلف من كفرهم بالله تعالى ، وفيه وصفهم بنوع آخر من الشرك. والأحبار علماء اليهود جمع (حبر) بكسر الحاء وفتحها ، وهو العالم بتحبير الكلام وتحسينه ـ كذا ذكره أئمة اللغة ـ قال بعضهم : (الحبر) أعظم الأشراف بين الإسرائيليين ، يكون عندهم وسيلة للتقرب لله ، ومرتبة وراثية في آل هارون ، يكون بكر أشيخ من فيها. انتهى.
و (الرهبان) جمع راهب بمعنى المتعبد الخاشع الزاهد. وأصل الترهب عند النصارى ، التخلي عن أشغال الدنيا ، وترك ملاذّها ، والزهد فيها ، والعزلة عن أهلها.