بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
القول في تأويل قوله تعالى :
(المص (١))
(المص)
تقدّم الكلام في أول سورة البقرة ، على حروف فواتح السور ، والمذاهب فيها.
القول في تأويل قوله تعالى :
(كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) (٢)
(كِتابٌ) أي : هذا كتاب (أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) أي : لا يكن فيك ضيق صدر من تبليغه ، مخافة أن يكذبوك ، أو أن تقصر في القيام بحقه. فإنه صلىاللهعليهوسلم كان يخاف قومه ، وتكذيبهم له ، وإعراضهم عنه ، وأذاهم. فكان يضيق صدره من الأداء ، ولا ينبسط له ، فأمنه الله ونهاه عن المبالاة بهم.
قال الناصر : ويشهد لهذا التأويل قوله تعالى : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) [هود : ١٢] الآية (لِتُنْذِرَ بِهِ) أي : بالكتاب المنزل ، المشركين ليؤمنوا (وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) أي عظة لهم. وتخصيص الذكرى بالمؤمنين للإيذان باختصاص الإنذار بالمشركين. وتقديم الإنذار لأنه أهم بحسب المقام.
القول في تأويل قوله تعالى :
(اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) (٣)
قوله تعالى : (اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) خطاب منه تعالى لكافة المكلفين بالأمر باتباع ما أنزل ، وهو القرآن ، والمراد ب (ما أُنْزِلَ) : القرآن والسنة. وقوفا مع عمومه ، لقوله سبحانه : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) [النجم : ٣ ـ ٤].