وروى الطبراني بسند صحيح عن قتادة عن محمد بن سيرين : أن تميما الداري اشترى رداء بألف ، وكان يصلي فيه.
الرابع : وجه تأثر الأمر بأخذ الزينة ، بالأمر بالأكل والشرب في قوله تعالى (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا) ما رواه الكلبي أن بني عامر كانوا لا يأكلون في أيام حجهم إلا قوتا ، ولا يأكلون دسما ، يعظمون بذلك حجهم. فقال المسلمون نحن أحق أن نفعل ذلك يا رسول الله. فأنزل الله عزوجل (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا). وقال السدّي : كان الذين يطوفون بالبيت عراة يحرّمون عليهم الودك ما أقاموا في الموسم. فقال الله تعالى لهم : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا) ... الآية.
الخامس : فسر الإسراف بمجاوزة الحد فيما أحلّ ، وذلك بتحريمه ، وقال الجشمي اليمني في تفسيره (التهذيب) : تدل الآية على المنع من الإسراف. وذلك على وجهين :
أولهما : إنفاق في معصية كالفخار واللعب والزنى والخمر ونحوها. وثانيهما : أن يتعدى الحدود وذلك مختلف بحال اليسار والإعسار. لأن من له قدر يسير ، لو أنفقه في ضيافة أو طيب أو ثياب خز ، وهو وعياله يحتاجون إليه ، فهو سرف محرم. ومثله في الموسرين لا يقبح ولا يكون سرفا وتدل على أن الأشياء على الإباحة. والعقل يدل على ذلك. لأنه تعالى خلقه لمنافعهم. والسمع ورد مؤكدا. ولذلك قال : (مَنْ حَرَّمَ) مطالبا بدليل سمعي.
وقد روى الإمام أحمد (١) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير مخيلة ولا سرف ، فإن الله يحب أن يرى نعمته على عبده». وأخرج النسائي (٢) وابن ماجة (٣) نحوه.
وقال البخاري (٤) : قال ابن عباس : كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان : سرف أو مخيلة. ورواه ابن جرير عنه أيضا بلفظ : أحل الله الأكل والشرب ما لم يكن سرفا أو مخيلة. قال الشهاب : هذا (أي ما قاله ابن عباس) لا ينافي ما ذكره
__________________
(١) أخرجه في المسند ٢ / ١٨١ ، الحديث رقم ٦٦٩٥.
(٢) أخرجه النسائيّ في : الزكاة ، ٦٦ ـ باب الاختيال في الصدقة.
(٣) أخرجه ابن ماجة في : اللباس ، ٢٣ ـ باب البس ما شئت ، ما أخطأك سرف أو مخيلة ، حديث رقم ٣٦٠٥.
(٤) أخرجه البخاري في : اللباس ، ١ ـ باب قوله تعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ).