أجابوا عنه رسلهم كما قال : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) [القصص : ٦٥] ، (وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) أي : عما أجيبوا به ، كما قال سبحانه : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ) [المائدة : ١٠٩]. والمراد بالسؤال توبيخ الكفرة وتقريعهم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ) (٧)
(فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ) أي : على الرسل والمرسل إليهم ما كان منهم (بِعِلْمٍ) أي :
عالمين بأحوالهم الظاهرة والباطنة (وَما كُنَّا غائِبِينَ) أي : عنهم وعما وجد منهم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٨)
(وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ) أي : وزن الأعمال والتمييز بين راجحها وخفيفها ، يوم يسأل الله الأمم ورسلهم ، العدل. (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) أي : حسناته في الميزان (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي : الناجون من السخط والعذاب.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ) (٩)
(وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) أي : حسناته في الميزان (فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) بالعقوبة (بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ) أي : يكفرون.
تنبيهات :
الأول : قال السيوطي في (الإكليل) : في هذه الآية ذكر الميزان ، ويجب الإيمان به. انتهى.
وقال الإمام الغزالي في (المضنون) : تعلّق النفس بالبدن كالحجاب لها عن حقائق الأمور. وبالموت ينكشف الغطاء ، كما قال تعالى : (فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ) [ق : ٢٢] ، ومما يكشف له تأثير أعماله مما يقربه إلى الله تعالى ويبعده ، وهي مقادير تلك الآثار ، وإن بعضها أشد تأثيرا من البعض ، ولا يمتنع في قدرة الله تعالى أن يجري سببا يعرف الخلق في لحظة واحدة مقادير الأعمال ، بالإضافة إلى تأثيراتها في التقريب والإبعاد. فحدّ الميزان ما يتميز به الزيادة من النقصان ، ومثاله في العالم