ثم قال الزبيدي : ويستعمل بمعنى مطلق الزمان ، نقله عن ابن هشام ، وحكاه عن سيبويه في قولهم : (أنا ، اليوم ، أفعل كذا) فإنهم لا يريدون يوما بعينه ، ولكنهم يريدون الوقت الحاضر. قال : وبه فسروا قوله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) [المائدة : ٣] ثم قال : وقد يراد باليوم الوقت مطلقا ، ومنه والحديث (١) : تلك أيام الهرج. أي وقته ولا يختص بالنهار دون الليل ـ انتهى ـ.
وإرادة الوقت مطلقا منه ، عين إرادة مطلق الزمان قبله ، كما يتبادر. والظاهر أن إطلاقه على المتعارف والوقت مطلقا ، لغوي فيهما ـ كما نقله شارح القاموس ـ خلافا لظاهر كلام الشهاب السابق ، فتثبت هذا.
الثانية ـ قال ابن كثير : يخبر تعالى أنه خلق العالم ، سماواته وأرضه وما بين ذلك في ستة أيام ، كما أخبر بذلك في غير ما آية من القرآن ، والستة الأيام : الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة ، وفيه اجتمع الخلق كله ، وفيه خلق آدم عليهالسلام. واختلفوا في هذه الأيام : هل كل يوم منها كهذه الأيام ، كما هو المتبادر إلى الأذهان ، أو كل يوم كألف سنة ، كما نص على ذلك مجاهد والإمام أحمد بن حنبل؟ ويروى من رواية الضحاك عن ابن عباس.
فأما يوم السبت فلم يقع فيه خلق ، لأنه اليوم السابع ، ومنه سمي السبت ، وهو القطع. فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد (٢) في مسنده عن أبي هريرة قال : «أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيدي فقال : خلق الله التربة يوم السبت ، وخلق الجبال فيها يوم الأحد ، وخلق الشجر فيها يوم الاثنين ، وخلق المكروه يوم الثلاثاء ، وخلق النور يوم الأربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم عليهالسلام بعد العصر يوم الجمعة ، آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة ، فيما بين العصر إلى الليل» ـ فقد رواه مسلم (٣) ابن الحجاج في (صحيحه) والنسائي ، من غير وجه. وفيه استيعاب الأيام السبعة ، والله تعالى قد قال : في ستة أيام ، ولهذا تكلم البخاري وغير واحد من الحفاظ في هذا الحديث ، وجعلوه من رواية أبي هريرة عن كعب الأحبار ، ليس مرفوعا ـ والله أعلم ـ انتهى.
__________________
(١) أخرجه البخاريّ في : الفتن ، ٥ ـ باب ظهور الفتن ، حديث رقم ٢٥٤٨ ونصه : عن أبي وائل ، عن عبد الله (وأحسبه رفعه) قال : بين يدي الساعة أيام الهرج. يزول العلم ويظهر فيها الجهل.
(٢) أخرجه في المسند ٢ / ٣٢٧.
(٣) أخرجه مسلم في : صفات المنافقين وأحكامهم ، حديث ٢٧.