أحدهما بما ورد في الشريعة به ولا يمكن ابتغاء ما كتب في هذه الحياة المشتركة إلا باحترام كلّ واحد من الزوجين حقوق الآخر. وبقدر إتيان الوظائف تتم السعادة والرخاء.
فالآية المباركة ميزان الحق والعدل في جميع الشؤون والأحوال وبذلك امتاز الإسلام عن سائر الأديان الإلهية في شأن النساء والقوانين الوضعية التي لم تصل إلى ما تدعيه في مساواة النساء واحترامهنّ إلا بعد قرون عديدة وهي مع ذلك لم تبلغ إلى ما تريده بل جلبت الشقاء والفساد لهنّ.
والمعنى : إنّ لهنّ من الحقوق فيما تعارف بين الناس على الرجال مثل ما للرجال عليهنّ.
ولم يذكر سبحانه وتعالى ما هو الثابت على كلّ واحد منهما وإنّما أوكله إلى ما تعارف عليه الناس ليشمل جميع ما يتعلّق بحسن المعاشرة والخلق الحسن وما ورد في الشرع وما يحكم به العقل فإنّ جميع ذلك من المعروف.
وقد كرر سبحانه وتعالى هذا اللفظ في الآيات المتعلقة بالنكاح والطلاق اثنتي عشرة مرة لبيان أنّ جميع ذلك من سنن الفطرة وشؤون المجتمع الإنساني وهي تختلف باختلاف الأعصار والأمصار والمجتمعات.
قوله تعالى : (وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ).
الدرجة : المنزلة والمراد بها الفضل والتفوّق والقيام بالمصالح الشرعية.
والإسلام مع أنّه سوّى بين النساء والرجال قد أعطى للرجال درجة عليهنّ. وقد بيّن سبحانه وتعالى تلك الدرجة في آية أخرى فقال عزّ شأنه : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ) [النساء ـ ٣٤] ، وإعطاء هذه الدرجة للرجال من الأمور الفطرية التي بنى الإسلام عليها أحكامه ، فإنّ المجتمع يحتاج إلى من يعتمد عليه فيما يطرأ عليه من المخاطر والاختلاف ومن يحميه عنها ويقدر على تنفيذ ما يراه من المصلحة والإنفاق عليه ، والحياة الزوجية لا تخرج عن هذه السنة بل احتياجها إلى الرجل أشد فهو الذي يتحمل الصعاب في تحصيل النفقة والمطالب بحماية المرأة