بحوث المقام
بحث دلالي
يستفاد من هذه الآية المباركة أمور :
الأول : ذكرنا أنّ الآية الشريفة تدل على أنّ الإنسان لا يمكنه الفرار عن مقدّرات الله تبارك وتعالى وأنّ الهلع لا يرد قضاءه وأنّ الواجب عليه التسليم ويشير إلى مدلول هذه الآية قوله تعالى : (قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً) [الأحزاب ـ ١٦] ، فلن ينفع الفرار في دفع القدر المحتوم وإذا فروا فإنّهم ملاقوه لا محالة.
الثاني : لم يرد في الآية المباركة تفصيل وبيان كيفية الموت من أنّه كان جماعيا أو انفراديا في زمان محدود؟ وهل أنّهم ماتوا بسبب ما هربوا منه؟ ولعلّ السّر في إخفاء كلّ ذلك أنّ الآية في مقام بيان أصل التسليم وأخذ العبرة من طبيعة الواقعة بأنّ الفزع والجزع والحذر لا يغيّر المصير أو القضاء المبرم وأنّ الصبر والثبات والرجوع إلى قضائه هو المتعيّن وأما جزئيات الواقعة ، فهي لا تكون موضع العبرة غالبا.
الثالث : إنّما وضع الظاهر موضع المضمر في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) أولا : لتعدد الموضوع وهذا يقتضي الإظهار. وثانيا : الاهتمام بالفضل وإظهار قدرته عزوجل وانحصاره فيه تعالى.