عمل الشدائد والصعاب وتحمّل المشاق ففي الحديث عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «صفرة في سبيل الله خير من حمر النّعم» أي : جوعة في سبيل الله.
٢٤٥ ـ قوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً).
خطاب في منتهى الفصاحة وأعلى مراتب البلاغة يتضمّن الحثّ على الإنفاق والتحريض على تقديم الخير بأسلوب رفيع يجد الفرد لذة النداء في البذل والعطاء وفيه غاية التأثير على النفوس الضعيفة يدعو الغنيّ والفقير إلى البذل وتقديم الخير على السواء ويفتخر العاقل بالمبادرة إلى العمل بمفاده ، ولذة المخاطبة تذهب كلّ مشقة وصعوبة كيف وإنّ الخطاب صادر من المالك الحقيقي والغنيّ عن العالمين يستقرض عباده مما أنعم عليهم ويعدهم الدّفع بأضعاف مضاعفة وما أبعد من حرم عن هذه المرابحة وما أشد خسارة من بقي في الخسران والمخاطرة.
ومن ذلك يعلم وجه تغيير الخطاب من الأمر في الآية السابقة إلى الاستفهام للتهييج وتنشيط الذهن بتغيير الخطاب وللإكبار والاستعظام له كما هو مستعمل في كلّ أمر يراد إعظامه ويندر الإقدام عليه قال تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) [البقرة ـ ٢٥٥].
والقرض : يأتي بمعنى القطع ، لأنّ المقرض يقطع إضافة ما يقرضه عن نفسه ويربطها بالمقترض وهو على قسمين :
قرض حاجة ، وهو محال بالنسبة إليه عزوجل لاستغنائه عن الغير بالذات واحتياج الكل إليه كذلك.
وقرض رباح ، لأن يرجع المال إلى المقرض مع الربح الحلال وهو جائز بالنسبة إليه تعالى ، وعليه يدور النظام المصرفي فيصرف المال المقترض في المنافع العامة ثم يرجع إلى صاحبه مع النفع ، ولكن لا بد من تقييده بما إذا كان مطابقا للموازين الشرعية.
والمراد به في المقام : كلّ ما يقدّمه الإنسان من الخير الذي يرجع نفعه