جزافا من غير حكمة بل هو الحكيم العليم يفعل وفق الحكمة المتعالية يراعي في أفعاله صلاح العباد وكمالهم ويدل على ذلك أيضا عدة آيات.
كما لا يفيض فيضا على أحد إلا بالأسباب الظاهرية فإنّه تعالى : «أبى أن تجري الأمور إلا بأسبابها» وتشهد لذلك الأدلة العقلية ، ولهذا اعتبر سبحانه في الملك البسطة في العلم والجسم وهو الموفق بتسخير الأسباب له.
فالآية بصدرها وذيلها تبيّن أهم القواعد في النظام الأحسن فهو المفيض المطلق على العباد بما يرجع إلى مصالحهم ولكن الإفاضة لا تكون إلا بالأسباب الظاهرية لئلا يختل النظام ويعطل الإنسان عن العمل ويبطل قانون الجزاء.
قوله تعالى : (وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ).
أي : والله واسع في الفضل والتصرف والقدرة إذا شاء أمرا يقع لا محالة ولا يمنعه شيء.
عليم بوجوه الحكمة يفعل بما تقتضيه الحكمة في كلّ مقام.
والواسع من أسمائه الحسنى يستعمل في كلّ جهاته المتصوّرة فيه جل شأنه ذاتا وصفة وفعلا ولهذا اللفظ سعة استعمالية يستعمل في الواجب والممكن الجوهر والعرض. وإذا أطلق عليه سبحانه وتعالى يراد به أنّه ليس له حد محدود.
وقد قرن لفظ (واسع) بالعلم في عدة آيات ، ولعله كناية عن السعة العلمية لجميع ما سواه ويستلزم ذلك السعة الوجودية والغناء عن كلّ شيء واحتياج الكلّ إليه أي : فوق ما نتعقله من معنى السعة لأنّ العلم عين الذات فإذا كان للذات سعة فيكون العلم كذلك ، ولكن لا يمكن درك هذه السعة.
فكما أنّ أسماء الله المقدسة توقيفية لا بد في إطلاقها عليه جل شأنه من ورود الإذن من الشرع وليس لأحد استعمال كلّ لفظ فيه جلّت عظمته وإن كان مدحا ، فكذلك المعاني في تلك الأسماء الواصلة إلينا من الكتاب والسنة