المقدّسة وليس للعقول تحديدها بما تتعقّلها فهو جلّت عظمته واسع في جميع شؤونه وجهاته فوق ما نتعقله من معنى السعة ولهذا كان الأولى تحديدها بالمعنى السلبي أي : لا يحده ولا يعجزه شيء. وإنّما التحديد يكون في المتعلّق. ولا نقص في العقل إن عجز عن درك ذلك بل كمال العقل الاعتراف بالتقصير والعجز أمام عظمته وكبريائه تعالى.
٢٤٨ ـ قوله تعالى : (وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ).
الآية : هي العلامة الظاهرة والحجة المعروفة الدامغة. والتابوت : صندوق من الخشب يوضع فيه ما يراد حفظه وستره.
وهذا التابوت كان له شأن كبير في بني إسرائيل ، وقد وصفه العهد العتيق بأوصاف متعدّدة غريبة ويستفاد منه أنّ له أصلا أصيلا وموقعا محترما لدى الأنبياء بل كانت أمة موسى (عليهالسلام) يتبركون به ويتوسلون إليه في الشدائد ويغلبون به على أعدائهم.
ويقال : إنّه الصندوق الذي وضعت أم موسى ابنها فيه بعد ولادته وألقته في اليمّ بوحي من الله تعالى كما حكى الله قصتها في القرآن الكريم.
وروي أنّ بني إسرائيل كانوا في مأمن به من الأخطار والشدائد تحترمهم الأمم والشعوب ما داموا مهتمّين باحترام التابوت وتعظيمه وبقدر احترامهم تلك الآية الربانية كانوا معزّزين محترمين حتّى عصوا واستخفوا به فغلبوا على أمرهم وانتزع منهم فوقع فيهم الأحداث وتشتت جمعهم ثم رده الله تعالى إليهم تحمله الملائكة.
وذكر بعض المفسرين : أنّ الأصل في هذا التابوت النزعة الوثنية التي كانت عند بني إسرائيل التي عرفوها من أيام المصريين الوثنيين.
ولكن ذلك باطل نشأ من الجهل بالتاريخ ، بل المستفاد من الأدلة الواصلة إلينا أنّ التابوت من المقدسات الدينية التي كانت محترمة حتّى عند الأنبياء كغلاف المصحف الشريف الذي هو مقدّس عند المسلمين لكونه حاويا