بحوث المقام
بحث أدبي
قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ) جملة خبرية في مقام الإنشاء ومثل هذا التعبير مألوف في القرآن الكريم ، وإنّما يستعمل في مقام التأكيد والاهتمام بالمراد.
وهو أبلغ من الإنشاء في الطلب والإيجاب ، لظهوره في وقوع المطلوب حتّى صار من شؤون المطلوب منه وليس في صيغة الأمر ما يفيد ذلك.
وفي كلمة (بِأَنْفُسِهِنَ) من البلاغة والإبداع ما لا يخفى ، فإنّها بإيجازها تشتمل على معان دقيقة بالإشارة والتلويح فإنّ فيها ترك التصريح إلى ما تتشوق النساء إليه والاكتفاء بالكناية عما يرغبن فيه ، وعدم إيئاسهنّ مع اجتناب إخجالهن وتوقي تنفيرهنّ أو التنفير منهنّ فإنّ الكلام في المطلّقات وهنّ معرّضات للزواج وخلوهنّ عن الأزواج ولا بد من ضبط النفس ومنعها أن تقع في غمرة الشهوة المحرمة.
ولو لا هذه الكلمة لما أفادت الجملة تلك اللطائف الدقيقة. ولا يبلغ إلى هذا الإعجاز سواه تبارك وتعالى.
مضافا إلى اشتمال الجملة على وجه الحكمة في تشريع هذا الحكم