بحث اجتماعي
قد ثبت بالبراهين العقلية أنّه لا بد لكلّ موجود من سبب يستند وجوده وتحققه إليه فلا يعقل تحقق شيء بلا سبب من غير فرق بين الكليات والجزئيات والجواهر والأعراض والاعتباريات إلا في الواحد الأحد الصمد الذي هو موجود بذاته من ذاته لذاته. وعليه فإنّ الحكومة الظاهرية الحاصلة في هذا العالم لا بد لها من سبب يوجب حدوثها في المجتمع ، وقد اختلفوا فيه على نظريات متعددة ونشير إلى أهمها على سبيل الإيجاز معرضين هنا عن صحتها وسقمها إلى موضع آخر يأتي إن شاء الله تعالى وهي :
الأولى : نظرية الحق الإلهي ـ ويرى أصحاب هذه النظرية أنّ الملك والزعيم منصوب من قبل الإله ، والملوكية منحة إلهية يهبها الرب لمن يشاء ، فلم يكن للشعب والمجتمع اختيار في تعيينه ، ولهذه النظرية جذور تاريخية ، بل كانت معتقد الشعوب السالفة في غابر العصور حيث كان الجمهور يرى أنّ المجتمع يتكوّن من عشائر مختلفة وأصول متعددة متنافرة ومتعادية ولا يمكن دمجها إلا بقوة قاهرة ولا تتيسر هذه القوة إلا إذا كانت من الإله.
الثانية : نظرية الحق الطبيعي أو الانتخاب الطبيعي ـ حيث إنّ الأمة تحتاج إلى الأشخاص الموهوبين فلا بد أن يكون على رأس المجتمع من يكون موهوبا وقادرا على الإدارة والتدبير الأكمل فيكون سبب الحكومة