جسما وكان شجاعا قويّا وكان أعلمهم إلا أنّه كان فقيرا فعابوه بالفقر فقالوا : (لَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ) فقال لهم نبيهم : (إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ).
وكان التابوت الذي أنزله الله على موسى فوضعته فيه أمه وألقته في اليمّ وكان في بني إسرائيل معظّما يتبركون به فلما حضر موسى الوفاة وضع فيه الألواح ودرعه وما كان عنده من آيات النبوة وأودعه يوشع وصيه فلم يزل التابوت بينهم حتّى استخفوا به وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات ، فلم يزل بنو إسرائيل في عزّ وشرف ما دام التابوت عندهم ، فلما عملوا بالمعاصي واستخفوا بالتابوت رفعه الله عنهم ، فلما سألوا النبي بعث الله طالوت عليهم ملكا يقاتل معهم فرد الله عليهم التابوت كما قال : (إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ) قال : البقية ذرية الأنبياء».
أقول : في هذه الرواية جهات من البحث :
الأولى : إنّ قوله (عليهالسلام) : «وروي أنّه أرميا النبي» يمكن أن يحمل على أنّ هذه الرواية كانت منقولة إلى الإمام (عليهالسلام) من ناقل فنسبه إلى الرواية ، ويمكن أن يحمل لفظ «وروي» على نقل الراوي فتكون رواية معترضة.
الثانية : إنّ قوله (عليهالسلام) : «وهو من القبط» لا بد أن يحمل على نحو من العناية فإنّ جالوت كان من العمالقة ، كما مر.
الثالثة : قوله (عليهالسلام) : «وكانت النبوة في بني إسرائيل في بيت والملك والسلطان في بيت آخر» يستفاد منه أنّه كان في بني إسرائيل نبوة وملك يفترق كلّ واحد منهما عن الآخر ، ولكن السّبر للتواريخ يشهد بأنّه لم يكن فيهم ملك وإنّما حدث في طالوت وهو أول ملك فيهم من بني إسرائيل وكان قبله عهد القضاة.
وأمّا قوله تعالى : (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ) [يوسف ـ ١٠١] ، فليس