التفسير
٢٥٣ ـ قوله تعالى : (تِلْكَ الرُّسُلُ).
تلك إشارة إلى الرسل الذين تضمنهم قوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) وأنّثها باعتبار الجماعة ، وإنّما أتى بها بعيدا لبيان فخامة أمرهم وعظم شأنهم كما ذكرنا في قوله تعالى : (ذلِكَ الْكِتابُ) [البقرة ـ ٣].
ومادة رسل من المواد الكثيرة الاستعمال في القرآن الكريم مفردة وجمعا ، تكسيرا وسالما ، مقرونا بالله تعالى كقوله عزوجل : (رَسُولٌ مِنَ اللهِ) [البينة ـ ٢] ، وقوله تعالى : (جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ) [المائدة ـ ٣٢] ، وقوله تعالى : (لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) [المجادلة ـ ٢١] ، وقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِ) [الفتح ـ ٢٨] ، وغير ذلك مما هو كثير.
والرسالة فضيلة إلهية وسفارة ربانية تشتمل على جميع الخيرات والفضائل لها من الرفعة والبهاء والعظمة ما تقصر عن بيانها الألفاظ يمنحها عزوجل لبعض أفراد الإنسان كما قال جلّت عظمته : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) [الأنعام ـ ١٢٤] ، لأنّها ترجع إلى كمال الإنسان غير المحدود بحد المؤيد من عالم الغيب فإنّ آخر قوس الصعود في الممكنات إنّما هو مقام الإنسانية ثم ترتفع في عالم لا حدّ له ولا نهاية له لا سيما إذا زالت الاثنينية بالكلية ، كما في قوله تعالى مخاطبا لحبيبه : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ