رَمى) [الأنفال ـ ١٧] ، وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) [الفتح ـ ١٠] ، فإنّ آخر مقامات الإنسانية الكاملة والدرجات المعنوية الشاملة هي الرسالة الإلهية فهي برزخ بين العالم المحدود بحد الإمكان والعالم الرّبوبي غير المحدود بحد.
وللرسول شأن عظيم في ربط عالم الشهادة بعالم الغيب ، وهو السفير الخاص من العالم الربوبي اختاره الله تعالى لتبليغ الرسالة وهداية العباد إلى ما فيه السعادة.
والسفير لا بد أن يكون مطلعا على أسرار ما يكون سفيرا فيه ويحيط بخصوصيات من يكون سفيرا إليه ، فإنّ عظم المنصب يقتضي ذلك وإنّ بالرسول يعرف المرسل وقد قال عليّ (عليهالسلام) : «يعرف عقل الرجل من سفيره».
ورسل الله تعالى كلّهم يشتركون في فضيلة الرسالة ويستوون في هذه الموهبة الإلهية والمنحة الربانية ويتفقون في أصل النبوة القابلة للتشكيك إلى مراتب متفاوتة ، وهم حقيقون بالاتباع وجديرون بالاقتداء بهديهم إلّا أنّهم متفاضلون في الدّرجات ويتفاوتون في المقامات ، ففيهم من هو أفضل ومن يكون مفضّلا عليه بما امتاز به الأفضل من الخصائص التي لا يعلمها إلا الله تعالى قال عزوجل : (اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ) [آل عمران ـ ١٧٩].
والمراد بالرسل جميعهم ولكن خصّ بعضهم بالذكر والوصف تعظيما ، أو لأجل بقاء اتباعهم وهم ثلاثة من أولي العزم : موسى ، وعيسى ، ومحمد (صلىاللهعليهوآله وعليهم).
قوله تعالى : (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ).
الفضل معروف وهو إما فردي كفضل زيد على عمرو مثلا ، أو صنفي كفضل العالم على الجاهل ، أو نوعي كفضل الإنسان على الحيوان ، أو جنسي كفضل الحيوان على النبات ، وفضل الرسل بالنسبة إلى غيرهم من قبيل الثاني ، وفضل بعضهم على بعض من قبيل الأول.