لجميع الرسل والأنبياء ولكن المعهود من التكليم غير الوحي العام مضافا إلى أنّه ينافي التبعيض الوارد في الآية الشريفة.
قوله تعالى : (وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ).
فيه التفات عن الحضور إلى الغيبة أيضا تعظيما وتفخيما لهذه الفضيلة السامية حيث نسب الرّفع إلى الله تعالى كما ذكرنا آنفا.
ورفع الدّرجة من الأمور الإضافية النسبية فيصح أن يكون لرسول رفع درجة من جهة ولآخر رفع درجة من جهة أخرى ، ولا ريب في أنّ لسيد الأنبياء (صلىاللهعليهوآله) أرفع الدّرجات على سائر المرسلين (عليهمالسلام) لما ورد عنه (صلىاللهعليهوآله) : «آدم ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة» وفي الدنيا أيضا ، يكون العلة الغائية للخليقة مطلقا ، وقد ثبت في محلّه أنّ العلة الغائية علة فاعلية بوجودها العلمي وغائيّة بوجودها الخارجي ، ومع ذلك قال تعالى مخاطبا له (صلىاللهعليهوآله) : (أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) [النحل ـ ١٢٣] ، وفي بعض المأثورات المعتبرة : «أللهم صلّ على محمد كما صلّيت على إبراهيم» ويستفاد من مجموع ذلك رفع درجة إبراهيم (عليهالسلام) من جهة وإن كان لسيد الأنبياء أرفع الدّرجات من سائر الجهات.
ولا بد من استفادة رفع الدّرجات لكلّ نبيّ من القرآن الكريم والسنة الشريفة لأنّ العقل لا يحيط بذلك ، وقد ورد في القرآن الكريم في بعض الأنبياء (عليهمالسلام) ما يدل على رفع درجاته من جهة ، قال تعالى في إبراهيم : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) [البقرة ـ ١٢٤] ، وقال تعالى : (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) [الصّافات ـ ٧٩] ، وقال تعالى في إدريس (عليهالسلام) : (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا) [مريم ـ ٧٦] ، وقال تعالى في يوسف (عليهالسلام) : (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) [يوسف ـ ٧٦] ، وقال تعالى في داود : (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) [النساء ـ ١٦٣] ، وغير ذلك مما خص به بعض الأنبياء ، وأما نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) فقد ورد فيه ما لا يحصى كتابا وسنة قال تعالى : (إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ