النّفس الدالة على المعاني بالدلالة الوضعية وبهذا المعنى يرادف اللغة وهو يختص بالإنسان فقط ولم يرد في القرآن الكريم استعماله في غير مورد الإنسان. وأما قوله تعالى : (أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ) [النمل ـ ٨٢]. فالمراد به الإنسان أيضا كما في ورد في السنة المقدّسة ، ولو شاء الله لأظهر التكلم من يد الإنسان كما في قوله تعالى : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ) [يس ـ ٦٥] هذا وقد استعمل لفظ «كلمة» أو «كلمات» في غير مورده مثل القضاء والخلق ، وذات الإنسان ونفسه مثل قوله تعالى : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً) [الأنعام ـ ١١٥] ، وقوله تعالى : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ) [هود ـ ١١٩] ، وقوله تعالى : (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ) [النساء ـ ١٧١] ، إلى غير ذلك من الآيات المباركة وليس البحث في ذلك.
وقد يطلق ويراد به القول ولكنّه أعم موردا من الأول فإنّ الأخير استعمل في الكتاب الكريم في الإنسان وغيره ففي الإنسان قال تعالى حكاية عن الحواريين : (إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ) [المائدة ـ ١١٣] ، وغيره من الآيات المباركة. كما اطلق منه تعالى على الإنسان وغيره قال تعالى : (وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) [البقرة ـ ٣٥] ، وفي مورد الملائكة قال تعالى : (وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ) [آل عمران ـ ٤٢] ، وقد اطلق عليه جلّ شأنه في قوله تعالى : (إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) [ص ـ ٧١] ، وغيره من الآيات الشريفة. وفي مورد الشيطان أو الجن قال تعالى : (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ) [إبراهيم ـ ٢٢] ، وقال تعالى في قصة سليمان : (قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِ) [النمل ـ ٣٩] ، وفي مورد غير ذوي العقول قال تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) [فصلت ـ ١١] ، وفي جميع ما سواه تعالى من الممكنات قال تعالى : (إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [مريم ـ ٣٥].
ومن المعلوم أنّ القول بالمعنى الوضعي الذي هو دائر في الإنسان لا