الشفاعة والإجماع :
وهو من المسلمين بأجمعهم بل تعد من ضروريات الدّين إلا ممن لا يعتنى بمخالفته وتعرّضوا للإجماع في كتبهم الكلامية والحديثية والتفسيرية بل يمكن ادعاء إجماع الملّيين على ذلك فإنّ الشفاعة مسلّمة في الكتب المقدسة وصرّح علماؤهم بتحققها.
الشفاعة والعقل :
ويمكن تقريره بوجوه :
منها : أنّ الله تعالى غني بالذات عن طاعة عباده لا ينتفع منها بشيء أبدا ولا يضرّه عصيان جميعهم ولا ينقص بسبب ذلك منه شيء أبدا ولا ريب في تسلّط الشيطان والنفس الأمارة على الإنسان وإحاطتهما به كما هو محسوس بالوجدان ، وحينئذ فالشفاعة كالعفو والإغماض عن الخطإ والزلل مع تحقق الشرائط حسن عقلا لا سيّما في عالم تنحصر الأسباب في ذات واحدة وفيه من الأهوال والشدائد ما لا يحصى ، فانحصر رفعها في واحد فقط ، فترك العفو والإغماض عمن يقدر عليهما بمجرد قول : (كُنْ فَيَكُونُ) مع عدم مانع في البين قبيح وهو مستحيل بالنسبة إليه عزوجل ، فتجب الشفاعة عليه عقلا في النظام الأحسن الربوبي كالرزق الواجب عليه تعالى في عالم الدنيا كلّ بالأسباب المعدة له ، والشفاعة رزق معنوي يكون الناس أحوج إليها بمراتب كثيرة.
ومنها : أنّ تنظيم العوالم بالأحسن يجب عقلا على مديرها ومدبرها المنحصر في الحيّ القيوم ، ومن أهم جهات التنظيم والترتيب العفو والإغماض عن العاصي الأثيم بعد وجود الشرائط وترك ذلك وإهماله موجب لإخلال النظم وهو محال على الحكيم العليم.
ومنها : أنّ الشفاعة معلولة لأصل تشريع الأحكام تدور معه أينما دار وحيث إنّ أصل التشريع منحصر بالله تعالى ، فالشفاعة والثواب والعقاب لا بد أن تنحصر فيه مباشرة أو تسبيبا.