فالكل من نظامه الكياني |
|
ينشأ من نظامه الرباني |
منها : أنّ ترك الشفاعة مع وجود المقتضي لها وفقد المانع عنها نقص في رحمته التي هي عين ذاته تعالى فيرجع إلى نقص الذات وهو من المحالات الأولية بالنسبة إليه جلّت عظمته.
ثم إنّه يمكن إدخال الشفاعة في مفهوم قوله تعالى : (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفتح ـ ١٤] ، وقوله تعالى : (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ) [العنكبوت ـ ٢١] ، وقوله تعالى : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) [الرعد ـ ٣٩] ، وثبوت الاختيار له تعالى في البقاء كثبوته له عزوجل في أصل الحدوث وهو مقتضى تمام ملكه ومالكيته وقهاريته.
ويمكن الاستدلال على تحقق الشفاعة بالقاعدة المسلّمة بين الفلاسفة من أنّ الخير المحض بل الخير بالإضافة مقدّم على الشر وقد قرّرها الله جل جلاله بقوله : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) [هود ـ ١١٤] ، فأنبياء الله تعالى ـ سيّما أشرفهم وسيدهم ـ وأولياؤه المنقطعون إلى الله من كلّ جهة وبتمام معنى الانقطاع من الخير المحض فينعدم بوجوداتهم المقدسة الشر بإذن الله تعالى ولا معنى للشفاعة إلا هذا.
الشفاعة وشروطها :
يستفاد من مجموع الأدلة : أنّ للشفاعة أهمية كبرى ومنزلة عظمى فهي الأولى من مراتب الكمالات الإنسانية وأوسع باب من أبواب الجنة الإلهية يرغب كلّ فرد إليها ، ويرجوها في الدنيا والآخرة ، ولكن لا يمكن أن ينالها كلّ أحد الا إذا توفرت فيه شروط خاصة ، لأنّ الشفاعة لا تخلو عن كونها توسط الأسباب ولا يمكن أن تكون مطلقة والا لزم بطلان قانون السببية واختلال النظام ، ويدل عليه
ما عن حفص المؤذن عن أبي عبد الله (عليهالسلام) : «واعلموا أنّه ليس يغني عنكم من الله أحد من خلقه لا ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ولا من دون ذلك من سرّه أن ينفعه شفاعة الشافعين عند الله فليطلب