المناسبة إن شاء الله تعالى.
وأما عالم البرزخ الذي يتوسط بين عالم الدنيا والقيامة فإنّ الوجوه المتصوّرة فيه هي : إما أن تكون الشفاعة في عالم البرزخ من نفس الموجودين فيه ، أو من الدنيا فيه ، أو من الآخرة فيه ولا رابع في البين. والجميع لا موضوع له ، لأنّ مورد الشفاعة الكبرى إنّما هو بعد نصب الموازين يوم القيامة والحساب وثبوت استحقاق العقاب فإنّ بدعاء الشفيع يرفع العقاب بإذن الله تعالى. نعم ، بعض الأعمال الصالحة والخيرات من الأحياء في الدنيا للأموات توجب التوسعة عليهم إن كانوا في ضيق والأخبار في ذلك متواترة.
وقد ورد في بعض الروايات : أنّ الدفن في بعض الأمكنة المقدّسة كالدفن في الحرم الإلهي أو ظهر الكوفة يرفع جملة من المضايقات عن الميت ولكن ذلك ليس من الشفاعة المعهودة بل هو تصرّف وحكومة يمنحها الله تعالى لهم ، ولكن يستفاد من بعض الأدعية المأثورة أنّ التصرفات المعنوية في عالم البرزخ منحصرة بالله تعالى مثل ما ورد في الدعاء : «وتولّ أنت نجاتي من مسائلة البرزخ وادرأ عنّي منكرا ونكيرا وأرعيني مبشّرا وبشيرا» ويأتي في الموضع المناسب الكلام في عالم البرزخ.
الشفاعة في الأديان الإلهية :
لا تختص الشفاعة المعهودة بالإسلام بل هي ثابتة في سائر الأديان الإلهية وإن كان بينها تفاوت يسير في مفهومها وذلك يرجع إلى السّير التكاملي في المفاهيم الدينية وسائر الأمور كما قرّرناه في أحد مباحثنا السابقة مع أنّنا ذكرنا أنّ الشفاعة ليست وليدة دين خاص بل هي أمر اجتماعي قرّرها الإسلام والأديان الإلهية ويستفاد ذلك من أسفار التوراة والإنجيل ، ففي سفر أيوب من التوراة الإصحاح ٣٣ فقرة ٢٣ ما يدل على ذلك ، وكذلك في الإصحاح ٥ فقرة ١ وغير ذلك مما ورد فيه. وأما في الإنجيل فقد وردت هذه العبارة فيه كثيرا : «يسوع المسيح الذي بذل نفسه لأجل خطايانا لينقذنا». أو «يطهرك المسيح من الخطايا» وأنّ الشفاعة سرّ من أسرار الكنيسة.