الجهات دون جميعها.
الثالث : أن يكون من مجرد الاقتضاء لا الذاتي ، وهذا هو الصحيح الذي يستفاد من مجموع الأدلة الواردة في الطينة والميثاق ، والشقاوة والسعادة وهو الموافق للقواعد العقلية الدالة على ثبوت الاختيار في استحقاق الثواب والعقاب.
وحينئذ فالشفاعة الكبرى التي ذكرنا أنّها ثابتة لنبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) الذي هو واسطة الفيض ، وسائر الأنبياء والأوصياء إنّما هي في هذا القسم من السعادة والشقاوة ولا موضوع لها في الوجهين الأولين لعدم قابلية المحلّ لها ، وقد ذكرنا أنّها شرط في ثبوت الشفاعة ، ويدل على ذلك ما ورد في الشفاعة مثل قوله (صلىاللهعليهوآله) : «ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» فإنّ المستفاد منه أنّ موردها الأفعال فلا تكون في مرتبة الذات والذاتيات فيكون مورد الشفاعة السعادة والشقاوة على الوجه الثالث فإنّه القابل للتغيير والتبديل بعروض الموانع.
وقد ذكرنا أنّ السعادة والشقاوة على درجات :
منها : ما يكون الإنسان فيهما بالغا إلى أقصى درجات الكمال.
ومنها : ما يكون الإنسان سعيدا ذاتا وشقيا فعلا ، وبالعكس.
ومنها : ما لا تتم له فعلية السعادة والشقاوة ولكن لا بد من زوال الهيئات الرديئة وبروز الحقيقة فإما أن ترزق التطهير فتزول الشقاوة العرضية ، أو تسلب السعادة العرضية وتظهر شقاوة النفس ، أو تكون مرجوة لأمر الله تعالى إن لم تكتمل في السعادة والشقاوة وفارقت الحياة ناقصة مستضعفة فالشفاعة في هذه المراتب والأقسام إنّما تزيل الهيئات الرديئة الشقية التي لزمت النفوس.
أما النفوس الكاملة في الشقاوة التي أثرت المعاصي والذنوب في ذاتها وانقلب المقتضي إلى الذاتي فلا موضوع للشفاعة فيها ، وهذا من إحدى الأصول التي بنى بعض أكابر الفلاسفة (رحمة الله عليه) المعاد الجسماني عليها وقال بعضهم :