والعلم والقدرة.
وهذه الحياة منحصرة في الله تعالى وليست حياته حياة فردية شخصية بل هي حياة كلية حقيقية هي مبدأ حياة كلّ حيّ من حياة النبات والحيوان والإنسان والروحانيين ، والأرواح الشامخة والعقول المجردة بل وجميع ما سواه حتّى الجمادات فإنّ لها حياة خاصة لا ندركها كما يظهر من قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) [الإسراء ـ ٤٤] ، وقوله تعالى : (أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) [فصلت ـ ٢١] ، فإنّ جميعها مستمدة من تلك الحقيقة الواحدة البسيطة ، فتكون حياته عزوجل منشأ الأرواح وأصلها وبدوامها تدوم بلا فرق بين الأرواح العلوية والأرواح السفلية والجواهر المقدّسة الروحانية ، فهي منشأ الخيرات ومنبع البركات ، وهي الغيث المستغيث والغياث المستغاث في عالمي الأمر والخلق اللذين يجمعان جميع الممكنات.
والحيّ أم الأسماء الحقيقية المحضة كالقدرة ونحوها كما يأتي.
قوله تعالى : (الْقَيُّومُ).
حصر للقيّومية فيه عزوجل فقط قلبت الواو ياء بعد أن كان الأصل قيووما وادغمتا فصار قيوما للقياس المطرد على ما هو المعروف عند الأدباء ، كما أنّ أصل القيام القوام فعل به ما فعل بنظيره.
والقيوم من أسمائه الحسنى ومعناه : القائم بالأمر المتعهد بالحفظ والتدبير والمراقبة ، وقد أطلق عليه تعالى قبل الإسلام أيضا قال أمية ابن أبي الصلت :
لم تخلق السّماء والنجوم |
|
والشمس معها قمر يقوم |
قدّره مهيمن قيّوم |
|
والحشر والجنة والنعيم |
إلا لأمر شأنه عظيم |
وهو تعالى قائم بأمر خلقه وتدبير شؤونهم عن علم تام وحكمة كاملة ، وهو دائم بدوام ذاته لا يعتريه ضعف ولا فتور.
وتستلزم القيمومة على خلقه جملة من الصفات العليا الحقيقية ذات