بحث عرفاني
الحضور عند الله جلّت عظمته من طرف الممكنات له مراتب كثيرة يمكن أن يقال بأنّها لا تتناهى ما دام يكون للحاضر لديه جلّ جلاله استعداد لذلك وتدور مراتبه على مراتب التخلق بأخلاق الله عزوجل والتفاني في مرضاته وأساس ذلك يرجع إلى حبّ الله تعالى بحيث يجري في الجوارح جريان الدم في جميع العروق فإنّ القلب منبع الحياة الأبدية وإذا خضع خضعت جميع الجوارح.
وأول من سلك هذا المسلك العظيم ومشى في هذا الطريق الجليل الكريم إنّما هو سيد الأنبياء وإمام المرسلين الذي هو أعظم أبواب رحمة الله لجميع العالمين حيث نال بحبّه له تعالى حياة أبدية حقيقية لا يتصوّر حياة أفضل وأشرف منها فتأمل في قوله (صلىاللهعليهوآله) : «أبيت عند ربّي يطعمني ربّي ويسقيني ربّي» فإنّ المحبوب يسقى مباشرة من حبيبه فهل يتصوّر حياة ألذ وأوفى من هذه الحياة؟!! ثم تأمل في قوله (صلىاللهعليهوآله) : «ليغان على قلبي فأستغفر الله في كلّ يوم سبعين مرة» فإنّ قلبه الشريف أبدا كان مشغولا ومربوطا به جلّت عظمته فإن عرض له عارض من أمور الأمة والملة ومصالحهما فزع إلى الاستغفار ، فجعل المعاشرة مع غيره تعالى ـ ولو في المباحات الضرورية ـ حجابا عنه تعالى ، فما أشدّ الحب ، وما أفضل الحبيب وما أجل المحبوب وفي مثل هذا الحب والحضور لا نوم ولا سنة وهو