النوم ومعناه :
النوم : وجدانيّ لكلّ حيوان كالأكل والشرب ، وتوليد المثل ونحو ذلك من الوجدانيات وهو ضروري بالنسبة إلى الحيوان تتوقف عليه حياته كسائر الأمور الضرورية التي يتوقف عليها بقاؤه وحياته.
ومحصّل ما ذكره الفلاسفة في حقيقة النوم أنّه يرجع إلى عزل الروح نفسها عن الشؤون والتدبيرات الخارجية للبدن وحصرها في البدن لمصلحة في ذلك العزل والحصر وإنّما هي تفعل ذلك بإرادة من الحيّ القيوم فهو تعالى يقبض الأرواح ويبسطها ، فالنوم حاصل منه عزوجل لكن جعل ذلك بالأسباب الطبيعية الظاهرية التي جرت عادته على تطبيقها في جميع خلقه من ذروة العرش الأعلى إلى تراب الأرض الأدنى.
ولا فرق بين النوم والموت من هذه الجهة قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الأنعام ـ ٦٠] ، وقال تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الزمر ـ ٤٢] ، وقد ورد عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «كما تنامون تموتون وكما تستيقظون تحيون» فكلّ منهما مفارقة تدبير الرّوح من البدن ، فإن طالت مدة ذلك يكون موتا والا كان نوما.
ولما كان الرّوح خلقا آخر وهو من أمر الرّبّ قال تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) [الإسراء ـ ٨٥] ، فلا بد أن تكون تحت استيلائه وسلطنته من كلّ جهة ولا معنى للقهارية المطلقة عليها الا ذلك. نعم للأسباب الظاهرية دخل بنحو الاقتضاء كما في جميع المخلوقات هذا إجمال ما لا بد من تفصيله ويأتي في محلّه.
وأما النوم الذي أطلقوا عليه (النوم المغناطيسي) فإن كان ناتجا من التسلط على الروح من حيث هي مع قطع النظر عن سائر الجهات فهذا غير