السلام) وشبه الجملة في قوله تعالى : (فِي رَبِّهِ) متعلّق بحاجّ والضمير فيه يرجع إلى إبراهيم (عليهالسلام).
والمعنى : ألم ينته إلى علمك أو هل رأيت غرور الذي حاج إبراهيم (عليهالسلام) في أمر ربّه.
ووجه الصراع بينهما : أنّ نمرود ادعى الربوبية لنفسه. لفضل راه فيه كما تفضل على سائر الآلهة والأرباب بل جعل نفسه ربّ الأرباب وموّه الأمر على ذلك المجتمع الوثني الذي كان يعبد الأصنام.
وأما إبراهيم (عليهالسلام) فقد كان يذعن بالالوهية المطلقة لله تعالى والربوبية العظمى له عزوجل لم يشارك في سلطانه أحدا من مخلوقاته واحتج على الخصم : بأنّ ربّه الذي يحيي ويميت ، وأراد بهما الحياة والموت المشهودين المعروفين الحياة التي هي أصل كلّ إحساس وشعور والموت الذي هو الفناء لذلك ، فلما عارض نمرود إبراهيم بالمغالطة والتلبيس بأنّه يحيي ويميت حين قتل أحد المسجونين وأطلق الآخر ونجح هذا التلبيس على الحاضرين فصدّقوه جهلا منهم أو عنادا ، ورفع هذا التلبيس إبراهيم (عليهالسلام) بمحاجة أخرى واضحة جلية يذعن بها الجميع أنّها من صنع الله تعالى ولذلك بهت الذي كفر ولم يسع لإبراهيم (عليهالسلام) يبين وجه المخالفة لعلمه بأنّ ذلك المجتمع لا يقبله منه ولا يصدّقه أحد.
هذه هي المحاجة بين إبراهيم (عليهالسلام) الذي يذعن بالالوهية المطلقة لله تعالى ونمرود الذي يعتقد بتعدد الأرباب والالوهية لنفسه.
قوله تعالى : (أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ).
المراد بالملك : تلك الإضافة الظاهرية بالنسبة إلى ما في الدنيا تتسع وتتضيق حسب ما يشاء الله تعالى ويريد وتكون هذه الإضافة معرضا لحدوث الإضافات الكثيرة تفنى وتزول ، ويكون المتلبّس بها في جهد أكيد شديد في جلب مقتضياتها ورفع موانعها ، وفي الحقيقية إنّه ليس إلا متاع الغرور. هذه حال الملك الظاهري.