الثالثة : وهي آخر المراتب وأعلاها وهي قطع العلاقة والإضافة القلبية مطلقا عملا بما يقال : «إنّ التوحيد إسقاط الإضافات» وهذا هو التسريح بالإحسان.
وطلاق الدنيا في أيّ مرتبة حصل لا ينافي بقاء الدنيا تحت سلطته وإرادته كما في طلاق أولياء الله تعالى للدنيا فقد تمثلت الدنيا في صورة خارجية ـ وهي صورة أجمل النساء ـ لسيد الأنبياء في ليلة المعراج ، وفي صورة بثينة التي كانت أجمل نساء عصرها لعليّ (عليهالسلام) فقال لها : «غرّي غيري لا حاجة لي فيك قد طلّقتك ثلاثا لا رجعة فيها» فطلاق الدنيا بالشرائط المقرّرة في الشرع من أفضل الدّرجات وأعلى المقامات واجب عند المخلصين والصدّيقين المتفانين في حبّ الله تعالى.
وهو أول منزل من منازل السّير إلى ربّ العالمين ، ومن جهة الاستقامة والبقاء عليه تجتمع فيه سائر المقامات من التخلية والتحلية والتجلية بل الفناء ، والثبات عليه ثبات في الرحمة الواسعة التي لم تزل ولا تزال ويشتد مقام التوحيد فيعبد الله جلّت عظمته حبّا له لا لشوق الوعد ولا خوف الوعيد.