ويمكن أن يكون الدعاء هو التسخيري التكويني منه كما في قوله تعالى : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) [الحج ـ ٢٧] ، وقوله تعالى : (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) [فصلت ـ ١١].
ويحتمل أن يكون هذا الدعاء بمنزلة نفخة الإحياء بإذن الله تعالى كما في نفخة إسرافيل التي بها تحيا الأموات ويبعثون كأنّهم (جَرادٌ مُنْتَشِرٌ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ) [القمر ـ ٨] ، فتكون هذه القضية الحشر الأصغر يستدل به على الحشر الأكبر.
وكيف كان فإنّ بدعوة إبراهيم (عليهالسلام) تعلّق الروح بالجسد فأتت الطيور مسرعات وبذلك شاهد (عليهالسلام) كيفية تعلق الروح بالجسد والبعث والنشور.
قوله تعالى : (وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
أي : وليتأكد علمك أنّ الله عزيز لا يغلبه شيء ولا يعجزه أمر ، حكيم في أفعاله لا يفعل إلا بمقتضى الحكمة.
وإنّما خص عزوجل هذين الاسمين بالذكر لبيان كمال قدرته وعدم عجزه حتّى إعادة الموتى ولو كانوا كثيرين لا يحصيهم الا الله تعالى ، وأنّه يفعل ذلك وفق الحكمة المتعالية فمن الحكمة أنّه جعل لكلّ أمر طريقا لائقا به ، وأنّه أبى أن يجري الأمور إلا بأسبابها.