بحث عرفاني
الآية الشريفة تدل على كمال الخلّة بين الرب الجليل وإبراهيم الخليل فإنّه قد ارتفع بينهما الستر والحجاب وأزيل الغطاء والنقاب وانتفت المغايرة من البين. وذلك لأنّ العبودية ظهرت بجميع آثارها على إبراهيم (عليهالسلام) وقد وقعت جميع أفعال جوارحه في مرضاة الله تعالى واستولت العبودية المحضة على خطرات قلبه ، وفدّى جميع شؤونه في حبّ الله عزوجل ومحى تمام ما يتوهم فيه البعد والافتراق ، فشرقت على قلبه الأنوار القدسية فاتخذه الله خليلا وجعل الحبيب من نسله فصار الخليل يفتخر بالحبيب والحبيب يفتخر بالخليل لما بينهما من الجامع القريب من شروق النور الأزلي على قلبهما والوصول إلى مقام الوصال والينبوع الذي لا يعقل فيه النفاد وبمدبر حكيم لا يتصور فيه التغيّر والفساد فكان أن نال رتبة البقاء : «فإنّ آخر الفناء في الله تعالى أول البقاء به» وصدر منه العجائب والغرائب لأنّه مستمد من مدد الغيب الذي لا حدّ له ، فيكون إحياء الموتى على يديه أيسر شيء عليه بل تكون مقاليد الجنة والنار مطروحة لديه ومثله يطفي النيران وتناديه جهنم «جز يا مؤمن فإنّ نورك يطفئ لهبي» هذا بعض مقامه فإنّ اللفظ قاصر عن بيان التمام.
ويمكن أن يستأنس من الآية الشريفة : أنّه لا بد للإنسان أن يزيل عنه الخصال المذمومة ويميتهنّ في نفسه حتّى يتمكن من إحياء الموتى لأنّ في كلّ