الشيطان ، وسبل الله كثيرة ومتعددة ولا تنحصر في جهة خاصة وأمر خاص ، وهو يجتمع مع كلّ أمر ما لم يكن نهي شرعي في البين فهو الكمال الفعلي الدائمي القابل للنمو والتعالي وفيه يقول عزوجل (وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) وهو روح العمل والسرّ في بقائه ودوامه بل هو شعاع من عالم الغيب على القلوب المنزّهة عن الشك والريب ، وهو الجذبة الروحانية التي تحيط بالعبد إذا تحققت الشرائط التي منها الوقوف عند الشريعة المقدّسة والعكوف على حدودها والعمل بأحكامها وهو الذي إذا حصل جعل العمل مباركا وإذا فقد كان العمل فاسدا والسّعي ضلالا والتجارة خاسرة خسرانا مبينا.
والمعنى : إنّ المثل الذي يضرب لمن ينفق في سبيل الله في جزائهم المضاعف يكون كما ذكره تعالى.
قوله تعالى : (كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ).
الحبة ـ بالفتح ـ واحدة الحب اسم جنس لكلّ ما يقتاته الإنسان والطّير وغيرهما من الحنطة والشعير ونحوهما من المطعومات وبزور الرياحين قال تعالى : (إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) [الأنعام ـ ٩٥].
والحبة ـ بكسر الحاء ـ بذور البقول مما لا يكون قوتا وفي الحديث : «فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل» وهو ما يحمله من الغثاء والطين.
والسنابل جمع سنبلة على وزن فنعلة : وهي ما علا الزرع من الحب أي : مثل الذي ينفق في سبيل الله في الجزاء المضاعف الكبير كمثل تلك الحبة التي زرعت في أرض خصبة فأنبتت سبع سنابل في كلّ سنبلة مائة حبة وقد أسند الفعل (أنبتت) إلى بعض الأسباب.
والممثل به من الأمور المتحققة في الخارج وإن كان قليلا وليس هو فرضا موهوما كما يدعيه بعض المفسرين.
وإنّما أتى سبحانه وتعالى بجمع الكثرة في «سبع سنابل» مع أنّ القاعدة تقتضي الإتيان بجمع القلّة في التمييز. كما في قوله تعالى : (وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ) [يوسف ـ ٤٣] ، لبيان إثبات الكثرة في كلّ ما يمكن أن يتوهم في