والمعنى : إنّ الله تعالى يعد الإنسان الذي اختار الطيّب من أمواله لينفقها في سبيل الله المغفرة وغفران الذنوب وزيادة في الثواب والدّرجات ومنه يستفاد أنّ الإنفاق لا يخلو عن العوض.
قوله تعالى : (وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ).
أي : والله واسع غير محدود بحد الإمكان مطلقا ، عليم بجميع الأمور محيط بحقائق الأشياء ودقائقها فوق ما نتعقله من معنى الإحاطة فهو واسع يعطي عباده ما وعدهم به عليم لا يجهل أمورهم.
والواسع من أسمائه المباركة الحسنى وهو كثير الاستعمال في القرآن الكريم موصوفا في مواضع بالعلم وفي اخرى بالحكمة ، ولم أجده فيه وفي الدعوات المعتبرة مطلقا من غير وصف. نعم ، ورد في الأسماء الحسنى «يا واسع» ولا بد من تقييده بما في القرآن ويمكن أن يجعل ذلك ردا لمن يقول بوحدة الوجود والموجود.
إن قيل : إنّ السعة العلمية تستلزم السعة الذاتية أيضا لأنّ علمه تعالى عين ذاته.
يقال : أصل ذلك مبنيّ على وحدة الوجود والموجود مطلقا ، والاشتراك الحقيقي مع التشكيك. وأما مع البينونة أي بينونة صفة لا بينونة عزلة فلا موضوع لهذه الإشكالات أصلا.
وسياق الآية الشريفة في المقام يدل على أنّ المراد سعة الفضل والمغفرة لكن على ما يقتضيه العلم والحكمة لا مطلقا ، فإنّه لا يليق به عزوجل ، وقد شرح ذلك كلّه الأئمة الهداة (عليهمالسلام) دفعا لهذه الشبهات.
٢٦٩ ـ قوله تعالى : (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ).
الإيتاء : الإعطاء. والحكمة وزان فعلة ومادة (حكم) تدل على المنع الخاص وهو الحاصل عن الإحكام والإتقان. والحكمة هي التي تمنع صاحبها عن القبائح والرذائل اعتقادا وقولا وعملا على نحو تكون محكمة في النفس لا