٢٧١ ـ قوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ).
مادة (ب د ا) تأتي بمعنى ظهور الشيء ظهورا بينا ، ولها استعمالات كثيرة في القرآن الكريم بهيئات مختلفة قال تعالى : (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) [الزمر ـ ٤٨] ، وقال تعالى : (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) [الزمر ـ ٤٧] ، ومنها البدو في مقابل الحضر قال تعالى : (وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ) [يوسف ـ ١٠٠] ، وهو في مقابل الإخفاء ، قال تعالى : (بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) [الأنعام ـ ٢٨] ومنه :
باسم الإله وبه بدينا |
|
ولو عبدنا غيره شقينا |
وحبذا ربّا وحب دينا |
والإبداء والإخفاء من الأمور النسبية الإضافية ويصح اجتماعهما في شيء واحد من جهتين.
والصدقات جمع الصّدقة وهي في الأصل : كلّ ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة ، وهي أعمّ من الواجبة والمندوبة ، وربما تطلق على كلّ معروف يترتب عليه الخير ومنه قول نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «كلّ معروف صدقة» فتعم المال والأقوال والأفعال الحسنة.
وحيث إنّ الصّدقة ـ أي : المال الذي ينفق في سبيل الله تعالى ـ خير محض لا بد أن تصرف فيما أذن فيه الله جل جلاله ، وقد أذن عزوجل في موارد ثمانية قال تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة ـ ٦٠] وهذه الموارد الثمانية تختلف إبداء وإظهارا فإنّ الصرف على الفقراء لا يكون فيه إبداء غالبا لا سيّما إذا كان الفقير من الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ، وأما الصّرف في سبيل الله فيلازمه غالبا الإظهار والإعلان.