بحث دلالي
تكرر في هذه الآيات المباركة جملة (حُدُودَ اللهِ) وذلك لإزالة ما شاع في الجاهلية من أقسام التفرقة والطلاق وانحصارها في الإسلام بما قرّره الشارع بحدوده وقيوده والتجاوز عنها تجاوز عن حدود الله تعالى ولذا كرّرت تلك الجملة للتأكيد كما كرّر التوجه إلى القبلة في الآيات السابقة لأجل إزالة ما سبق وإثبات قبلة أخرى.
ويستفاد من قوله تعالى : (أَنْ يَتَراجَعا) أنّه لا بد من رضاء الطرفين في الرجوع ولا يتحقق ذلك إلّا بعقد جديد جامع للشرائط كما عرفت آنفا بخلاف الرجوع في الطلاق الأول أو الثاني فقد عبّر سبحانه وتعالى بالرد وقال : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) وفي السنة المقدسة وكلمات الفقهاء عبّر بالرجوع وهو عبارة أخرى عن الرد.
ثم إنّه ربما يستدل بقوله تعالى : (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) على صحة استقلالها في النكاح من دون مراجعة الوليّ لأنّه أضاف النكاح إلى نفسها فقط.
وهذا صحيح بالنسبة إلى البالغة الرشيدة الكاملة ، وأما بالنسبة إلى غيرها فالدّليل لا يشملها ، وإنّ التمسك بالآية المباركة فيها من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك وهو باطل عند الجميع وقد فصلنا البحث في الفقه ومن شاء فليراجع النكاح من المهذب.