الثواب ولم يقصد رئاء الناس فلم يكن كفره بالله واليوم الآخر رأسا وبالكلية والا لكان المناسب أن يقول : «ولم يؤمن بالله واليوم الآخر».
وكيف كان فالمستفاد من الآية الشريفة : أنّ الرياء في عمل من لوازم عدم الإيمان بالله واليوم الآخر بالنسبة إليه.
الحادي عشر : يدل قوله تعالى : (ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) بعد ذكر الإنفاق رياء والإنفاق الذي يتبعه المنّ والأذى على أنّ المراد من مرضاة الله هو عدم كون الإنفاق من أحدهما وهو الإنفاق لوجه الله الخالص من كلّ ما يوجب الفساد والبطلان ثم البقاء على ذلك في النفس بحيث لا يعترضه ما يبطله ويفسده ، فأحد القيدين يتكفّل حدوث النية الخالصة ، والثاني يتكفل البقاء والاستمرار على تلك النية وهو قوله تعالى : (وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ). وهذا يدل على أنّ في النفس حالات كثيرة تمنعها عن التفكر والتبصر فأمر سبحانه بالتثبت والتفكير.
الثاني عشر : يستفاد من قوله تعالى : (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ) حالتان إحداهما حالة الاستغناء والطمأنينة والراحة ، والثانية حالة الإعواز والاضطراب وشدة الحاجة.
فالأولى تتمثل في الإنفاق في وجه الله تعالى الخالص من كل ما يوجب فساده وزوال أثره.
والثانية تتمثل في الإنفاق مع المن والأذى ، وقد ذكرنا في التفسير ما يتعلق بهذه الحالة فراجع.
الثالث عشر : يدل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) على أنّ ما يتقرب به إلى الله تعالى وما يرجى منه ارتفاع الدرجات لديه لا بد أن يكون منزّها عن الشرك والنقص ، وأن يكون نقيّا من كلّ دنس ، فالتصدق من المال الحرام أو المشتبه لا يكون إلا وبالا على صاحبه ، وكذا سائر الأعمال التي يؤتى بها لوجهه الكريم ، مع أنّ جميع ما يصدر من العبد يدخر عوضه له أضعافا كثيرة ، فبذل الخبيث والرّدي خلاف العدل والإنصاف