يرتكبه يكون محاربا لله ورسوله. وهو يوجب شيوع الفساد وهدم النظام وفيه من الآثار السيئة المشومة التي تؤثر في الفرد والاجتماع وفيه ضياع حق النوع.
وسياق الآيات الشريفة يدل على أنّها نزلت لتأكيد الحرمة السابقة التي لم يكن المسلمون يراعونها فهي لم تشرع حكما جديدا في الربا بل كان التشريع في الآية التي نزلت قبل هذه الآيات وهي قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران ـ ١٣٠] ، وقبل هذه الآية نزلت آية أخرى تبيّن اتجاه الإسلام في هذا الأمر الخطير ، فكانت كالتوطئة للتشريع الجديد قال تعالى : (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) [الروم ـ ٣٩] ، ومن ذلك يعلم أنّ الربا كان مبغوضا عند هذا الدّين الحنيف من حين حدوثه.
ويستفاد من المقابلة بين الربا في هذه الآيات السبع والصّدقات التي تقدمت والإنفاق الذي ذكر في الآيات السابقة عظم ما يترتب على الربا من الآثار السيئة كما يترتب على الإنفاق من الآثار الحسنة فإنّه نزول عن المال كلّه بلا عوض ولا رد تقرّبا إلى الله تعالى بخلاف الربا الذي هو استرداد للمال مع الزيادة ، فكلّ ما فيه المصلحة يقابله كلّ ما في الربا من المفسدة ، فهو يقابله في جميع الآثار والفضائل والرذائل وفي كلّ العوالم.
ومن ذلك يستفاد وجه الارتباط بين هذه الآيات والآيات السابقة فإنّ فيها تحريضا على الإنفاق وتوزيع الثروة بالعدل والإنصاف وفي هذه الآيات إزالة تمركز الثروة وإعدام الابتزاز وهدم التمايز إلا بالتقوى التي أمرنا الله تعالى بها في هذه الآيات مكرّرا.