باستيلاء الربا وأكل المرابي له من دون أن يكون رادع يردعه قد جلب الشقاء والدمار واستولى الفساد على أهل الأرض ويأتي في البحث العلمي تتمة الكلام.
ومن ذلك يظهر أنّ الآية الشريفة لا تختص بحال المرابي في يوم القيامة وأنّ آكلي الربا يقومون كالصريع الذي تخبّطه الشيطان من المس وقد نقل في ذلك أحاديث عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) بل يكون ذلك من مصاديق حال المرابي في يوم القيامة وأنّه أثر من آثار هذه المعصية الكبيرة كما عرفت آنفا فيكون للقيام معنى عاما يشمل القيام في الدنيا وهو النهوض بالأمر والقيام من القبر كما في الحديث.
قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا).
أي : إنّ أكلهم للربا واستحلالهم له أو إنّ الدليل على كونهم خابطين خرجوا عن جادة الصواب أنّهم قالوا في قياس باطل : إنّما البيع مثل الربا ولم يقولوا إنّما الربا مثل البيع الذي هو أقرب إلى الذهن فقد أمكن الخبط في نفوسهم وظهر الاختلال على أفكارهم وأقوالهم فكان المعروف والمنكر لديهم سيان وقد شبهوا الربا الذي هو خلاف الفطرة المستقيمة بالبيع الذي هو المعروف بين العقلاء وهما نوعان متباينان ، ولكن الخبط الذي استقر في نفوسهم جعلوا المأمور به كالمنهيّ عنه وهو قياس مع الفارق وهذا مثال لما ذكرناه سابقا من أنّ المراد من التخبط هو الخروج عن الفطرة والعقل سواء كان قوله تعالى مقول قولهم أو حكاية عن حالهم بالقول ، فإنّه يدل على الخبط في كلامهم وعدم استقامة أفكارهم.
وقال بعض المفسرين إنّ المراد بقولهم (إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) المبالغة في التشبيه كما في قول الشاعر :
ومهمه مغبرة أرجاؤه |
|
كأنّ لون أرضه سماؤه |
ولكن فساد ما ذكره يظهر مما تقدم فإنّ التشبيه إنّما حصل من التخبط الحاصل لهم من مس الشيطان والاختلال الناشئ في أفكارهم وقد ظهر