فيها ، وقد يطلق المحق على ذهاب أصل الشيء وفنائه كما في الحديث «الحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة» ولم يرد هذا اللفظ في القرآن الكريم الا في موردين أحدهما المقام والثاني في قوله تعالى : (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) [آل عمران ـ ١٤١].
والارباء التنمية والزيادة ، وفي الحديث عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «إنّ صدقة أحدكم تقع في يد الله فيربيها كما يربي أحدكم فلوه ـ أي المهر ـ أو فصيله حتّى يجيء يوم القيامة ، وإنّ اللقمة لعلى قدر أحد».
والمعنى : يذهب الله تعالى الربا ويفنيه ويمحو البركة فيه وينمي الصّدقات ويزيدها على خلاف ما يتوهمه الناس فإنّهم يأخذون الربا طلبا لزيادة المال والله يمحقه ، ولا يتصدقون خوفا من نقصان المال والله يزيده وينميه ، ولا يختص نقصان الربا وزيادة الصدقات في الدنيا والآخرة بل هما عامان فيهما.
والآية الشريفة ترشد إلى بعض المصالح والحكم التي من أجلها حرّم الله تعالى الربا وأحلّ البيع وأباح الصّدقات ورغّب إليها فيكون المحق من الآثار اللازمة للربا كما أنّ الإرباء من الآثار اللازمة للصّدقات ، وذلك لأنّ الصّدقات والربا أمران اجتماعيان يخصان الطبقة الفقيرة والمحتاجة من المجتمع ، وهم الكثرة الكاثرة يؤثر فيها كل ما يزيد في عنائها ، ويستفزها كلّ ما يمسّ مشاعرها ، فتهب لنيل حقوقها والدفاع عن حياتها وإن استلزم الفناء والفساد ، وأما إذا أحسن إليها هدأت وقابلتها بالإحسان وأثرت الأثر الجميل فيها وشاع الصلح والوئام وتبتعد عمّا يثير الفساد والإفساد وتكون كنفس واحدة تنتشر فيها الرحمة والمحبة والتعاون ، وتعيش حياة سعيدة آمنة مطمئنة ويكون كلّ ذلك سببا لزيادة المال وإنمائه أضعافا مضاعفة ، كما وعد الله تعالى في الدنيا والأجر الجزيل في العقبى ، ولذا حث سبحانه على الإنفاق والصّدقات وأكد على إشاعتهما وإفشائهما.
وأما إذا أسيء إلى هذه الطبقة بما يزيد في عنائها ومشقتها وعجزها قابلوها بالنكاية والانتقام غافلين عما يترتب من الآثار المهلكة التي توجب