إمساك المرأة بالرجوع إليها أو تركهنّ على حالهنّ حتى تنقضي عدتهنّ كلّ ذلك بمعروف في معاملتها من النفقة والمهر من دون إضرار بهنّ في شيء من ذلك.
قوله تعالى : (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا).
تأكيد لما سبق ، ونهي عن الرجوع بقصد الإضرار أي : ولا تراجعوهن تريدون بذلك إضرارهنّ وإيذائهنّ لتعتدوا عليهنّ بالاستيلاء على أموالهنّ وغيره كما كان يفعل في الجاهلية.
والضّرار : مصدر إما نائب عن المفعول المطلق أي : لا تمسكوهنّ إمساكا أو مفعول لأجله وهو الأصح.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ).
بيان لوجه حكمة النّهي أي : ومن يمسك بقصد الإضرار فقد أوقع نفسه في الهلاك والتعب والغضب الإلهي بمعصية الله وخرج عن جادة الصواب وانحرف عن الفطرة الإنسانية ، بل حرّم على نفسه سعادة الحياة. والرجوع بالمعروف رجوع إلى تلك السعادة فإنّه وصل واجتماع بعد الفصل والانقطاع.
قوله تعالى : (وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً).
مادة (الهزء) تأتي بمعنى الخفة والاستخفاف والاستهزاء ، وهي كثيرة الاستعمال في القرآن وغالبها من المخلوق بالنسبة إلى الله عزوجل وبالنسبة إلى أنبيائه ورسله قال تعالى : (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) [الحجر ـ ١١] ، وقال تعالى : (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) [الزخرف ـ ٧] ، وقال تعالى : (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) [الأنعام ـ ١٠] ، وكذا بالنسبة إلى آيات الله تعالى وأحكامه المقدّسة قال تعالى : (وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً) [الكهف ـ ٥٦] ، وقال جلّ شأنه في شأن أهل النار : (ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ