بحث قرآني
خلق الله تعالى الإنسان وأودع فيه قوة يميّز بها الخير عن الشر ، والنافع عن الضار ، وألهمه بعض الأمور التي بها ينظّم شؤون حياته الفردية والاجتماعية ويسعى إلى الكمال المعدّ له ، وبهما ترفّع على سائر الموجودات في هذا العالم وكان له هذا المقام السامي ، كما أنّ بهما استقامت خطواته وانتظمت أفكاره ، وبهما يكافح في عيشه في هذه الحياة المليئة بالمتاعب والمشاكل ، ولو لا هذه الموهبة الربانية لكان للإنسان شأن آخر ، وهو خلاف الحكمة في خلق الإنسان الذي قد أبدع الله تعالى في صنعه ، وخلق له الأرض وما عليها ليعمّرها ويتزوّد منها إلى العوالم التي ترد عليه.
وبحكم هذين الأمرين ـ أي العقل والفطرة ـ تحكمت قواعد وأصول على جميع خطوات الإنسان وخصوصياته ، ونظمتها تنظيما حسنا ، وهي كثيرة يبحث عنها في علوم متعددة.
ولكن تلك القواعد العقلية والأمور الفطرية قد تعرّضت لانحرافات وشكوك وشبهات بمرور الزمن مما أوجب طمس كثير منها وتعرض الإنسان لاختلافات ومشاكل عجز عن حلّها ومتاعب وهموم أثقلت كاهله فأرسل الله تعالى رحمة بعباده الرسل والأنبياء ليثيروا لهم دفائن العقول ويذكروهم منسيّ الفطرة ، ويهدوهم إلى سواء السبيل ويرشدوهم إلى الحقّ القويم ليفوزوا بالسعادة الأبدية ويسعدوا في حياتهم.