ويمكن أن يرجع اللفظان إلى جامع قريب ، وهو الإثبات فإن كان على شخص فهو إملاء وإن كان في مكتوب فهو إملال.
أي : وليظهر المدين ويلق ما عليه من الدّين وخصوصياته على الكاتب ليكتب ما يذكره فيكون حجة بينهما.
قوله تعالى : (وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً).
البخس : هو النقص على سبيل الظلم ، وله استعمالات كثيرة في القرآن الكريم ، قال تعالى : (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) [هود ـ ٨٥] ، وقال تعالى : (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) [الأعراف ـ ٨٥].
أي : وليتّق ـ الذي عليه الحق وهو الذي يملي ـ الله ربه في إملائه ويلقيه كاملا ، ولا ينقص من الحق شيئا.
وإنّما أمر سبحانه بالتقوى للترهيب ، فإنّ الله عليم بالأمور وقادر عليه وبيده عقابه ، ونهى عن البخس والظلم لأنّ الإنسان مجبول على دفع الضرر والطمع في جلب النفع إليه.
والأمر للاستحباب ، وهو وإن كان متوجها لمن عليه الحق لأنّه عارف به وبسائر خصوصياته فيكون إملاؤه حجة للدائن يرجع إلى المكتوب عند المجادلة والمماراة. ولكن يجوز لغيره الإملاء ، أو يكتب الكاتب نفسه ما يعرفه من الحق وشؤونه بعد إلقائه على المديون واعترافه به.
قوله تعالى : (فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ).
السفيه : هو الذي ليست له حالة باعثة على حفظ ماله والاعتناء بحاله ولا يتحفظ عن المغابنة ، ولا يبالي بالانخداع ، وهي قد تكون لكثرة الانقلاع عن دار الغرور والاقتراب إلى عالم النور والسرور ، فهي حالة ممدوحة ، وفيها ورد قول بعض الأكابر : «نرجو شفاعة من لا تقبل شهادته». وقد تكون لغير