٢٨٣ ـ قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ).
بيان للأعذار المانعة من الكتابة فيكون استثناء من الأحكام السابقة ويستفاد منه أهمية الاستيثاق على الأموال عن الضياع.
ومادة (رهن) تأتي بمعنى الدوام والاحتباس ومنه احتباس العين وثيقة على الدّين ، ولم تستعمل في القرآن الكريم إلا في موارد ثلاثة أحدها المقام ، والثاني قوله تعالى : (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) [الطور ـ ٢١] ، وقوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) [المدثر ـ ٣٨] ، وهي كثيرة الاستعمال في غيره ففي الحديث عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «إنّ أنفسكم مرهونة بأعمالكم» يعني إنّه لا خلاص للنفس وأنّها محبوسة لا يمكن فكها إلا بالعمل الصالح ، كما أنّه لا خلاص للمال المرهون الا بأداء الدّين وقال الشاعر :
إن يقتلوني فرهن ذمتي لهم |
|
بذات ودقين لا يعفو لها أثر |
والرهن : مصدر رهنت الشيء وأرهنته وربما يطلق على المال المرهون وهو كثير كما في الآية الشريفة.
والقبض : هو الاستيلاء على الشيء وهو من الأمور الإضافية تختلف باختلاف الجهات والخصوصيات والقابض من أسمائه المباركة أي : إنّ جميع ما سواه تحت إرادته الكاملة جلت عظمته قال تعالى : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) [الزمر ـ ٦٧].
والمعنى : وإن كنتم مسافرين ولم تجدوا كاتبا يكتب الدّين بالكيفية المطلوبة وأردتم الاستيثاق على دينكم فاستوثقوا برهن تقبضونه وقوله تعالى : (فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ) أي : أنّ التوثيق رهان مقبوضة كما كان في الكتابة والشهادة.